mercredi 2 mai 2012

الهجرة الغير شرعية


  لقد اعتبرت ظاهرة الهجرة السرية في المغرب العربي أحد أبرز التهديدات الأمنية الحديثة التي تواجه الأمن المغاربي.
       أولا : مفهوم الهجرة غير الشرعية: تعني الهجرة في أبسط معانيها حركة الانتقال -فرديا كان أم جماعيا- من موقع إلى آخر بحثا عن وضع أفضل اجتماعيا كان أم اقتصاديا أم دينيا أم سياسيا.
تتعدد دلالات الهجرة بين هجرة سرية، هجرة غير شرعية، هجرة غير قانونية، الهجرة الغير الشرعية هي انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى أخر بطرق سرية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دوليا، أما المصطلح المتداول هو "الحرقة"،  و معناه حرق كل الأوراق والروابط التي تربط الفرد بجذوره وبهويته على أمل أن يجد هوية جديدة في بلدان الاستقبال.
اما بالنسبة للهجرة بين ضفتي المتوسط التي تركز عليها هذا الدراسة فهي  تسير وفق منطق التقلبات السياسية والمصالح الاقتصادية.
فإذا كانت الهجرة في السابق تتم بصورة انسيابية تبعا لأغراض محددة سلفا, كما كان للديمغرافية دور أساسي من خلال الهجرة في المواجهات الأولى بين الشرق و الغرب الذي حاول استغلالها لصالحه1
إن اعتماد مبدأ ترسيم الحدود بين الدول وتنازع المصالح السياسية والاقتصادية زاد من حدة التعاطي مع مسألة الهجرة، مع فارق مهم هو أن توالي موجات الهجرة في هذه الرقعة من العالم في العقود الأخيرة كانت تتم بصورة عمودية من الجنوب نحو الشمال.
وتعد الهجرة السرية أو غير القانونية أو غير الشرعية أو غير النظامية ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أو في الدول النامية بآسيا كدول الخليج ودول المشرق العربي، وفي أميركا اللاتينية وفي أفريقيا حيث الحدود الموروثة عن الاستعمار التي لا تشكل حواجز عازلة وخاصة في  بعض الدول مثل ساحل العاج وأفريقيا الجنوبية ونيجيريا.
ولكن هذه الظاهرة اكتست أهمية بالغة في منطقة المغرب العربي و حوض البحر الأبيض المتوسط نظرا لاهتمام وسائل الإعلام بها، فأصبحت تشكل رهانا أساسيا في العلاقات بين الضفتين.
تعتبر المفوضية الأوربية هجرة غير شرعية فهو "ظاهرة متنوعة تشتمل على جنسيات دول ثلاث يدخلون إقليم الدولة العضو بطريقة غير شرعية عن طريق البر     أو البحر أو الجو بما في ذلك مناطق العبور في المطارات، ويتم ذلك عادةً بوثائق مزورة، أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة من مهربين وتجار، وهناك عدد من الأشخاص الذين يدخلون بصورة قانونية وبتأشيرة صالحة لكنهم يبقون أو يغيرون غرض الزيارة فيبقون بدون الحصول على موافقة السلطات، وأخيراً هناك مجموعة من طالبي اللجوء السياسي الذين لا يحصلون على موافقة على طلبهم لكنهم يبقون في البلاد".
و تعرف الهجرة غير الشرعية في القانون الجزائري حسب الأمر رقم 66\211 المؤرخ في 21جويلية 1966 بأنها ، (دخول شخص أجنبي إلى التراب الوطني بطريقة سرية أو بوثائق مزورة بنية الإستقرار أو العمل )، فالهجرة غير الشرعية إذن هي التسرب من البلد الأم إلى بلد آخر بدون تأشيرة و في سرية إما بهدف العمل أو كنقطة عبور نحو بلد ثالث ، مثل الذي هو واقع في المنطقة المغاربية بالتحديد، و هناك ثلاث فئات :
1- الفئة المستقرة التي تهاجر بهدف الاستقرار .
2- الفئة العابرة و هي التي تتخذ المنطقة المغاربية محطة عبور نحو أوروبا .
3- فئة المهربين التي تنشط في ميدان التهريب بمختلف أشكالها.
ثانيا -أسباب الهجرة  غير الشرعية :
أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية  هاجسا لدى كثير من دول الشمال ويمكن تلخيص أسبابها كما يراها المختصون فيفي الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها الفرد بلدان المغرب العربي، كما تبرز أسباب أخرى ذات أهمية بالغة في توجيه تيارات الهجرة السرية، ومن ضمنها القرب الجغرافي وكذلك طموح الشباب والبحث عن النجاح .
الأسباب الاقتصادية:
فيما يخص الحدود الجنوبية لمنطقة المغرب العربي كمصدر للهجرة غير الشرعية للأفارقة تجاه المنطقة تعود الأسباب الاقتصادية الى انهيار اقتصاديات دول الساحل الإفريقي فعلى الرغم من امتلاكها لثروات طبيعية هائلة إلا أن الركود الصناعي لهذه الدول جعل أفرادها يعتمدون على الفلاحة و الزراعة كمورد أساسي ، بيد أن هذا المورد عجز بدوره على سد حاجات الأفراد و المواطنين نظرا لصعوبة الظروف كالتصحر  و الجفاف ، مما تولد عنه إنتشارا سريعا للفقر و البطالة اللذان يعتبران داعيان قويان للهجرة نحو الدول الأوروبية ، و بالمقابل تسجل هذه الدول ارتفاعا مطردا للنمو الديمغرافي سنة بعد أخرى و قد إنجرى عن هذه العوامل مجتمعة إنتشار المجاعة التي أصبحت تهدد سكان تلك الدول .
أما فيما يخص الهجرة غير الشرعية من المغرب العربي تجاه أوروبا فيتجلى الأمر عند التباين في المستوى الاقتصادي بصورة واضحة بين دول الجنوب ودول الشمال الجاذبة نظرا  لتذبذب وتيرة التنمية في دول الجنوب  المتوسط ،فشل السياسات الحكومية ، فإستمرار الحكومة في سياسة الإعتماد على القطاع الخاص فقط لتوفير فرص عمل جديدة يؤدي إلى تفاقم كارثة البطالة التي تزيد من الظاهرة ،  بالإضافة إلى عدم قدرت الحكومات المغاربية على طرح حلول حقيقية وجذرية لمشكلة البطالة المتفاقمة في الريف والمدينة، و بالإضافة بهدف البحث عن الاستقرار الدائم و تحقيق حياة أفضل.    
الأسباب الاجتماعية:
إن الهجرة تدور في مجالين مختلفين ديمغرافيا، أحدهما يعرف زيادة سكانية تصل إلى حد العجز عن تلبية الطلب الوطني على الشغل والسكن والخدمات الاجتماعية… ويعرف الآخر انخفاضا في عدد السكان خاصة نسبة الشباب، فبالنسبة لدول شرق وجنوب المتوسط، فإن نموها السكاني حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة مرشح للإرتفاع على مدى 20 سنة القادمة، ففي سنة 1997 مثلا، قدر عدد سكان الدول المطلة على المتوسط أكثر من 300 مليون نسمة وسينتقلون إلى ما يقارب 500 مليون نسمة في 20251.
ومن النتائج الأولى للإنفجار الديمغرافي نجد مشكلة البطالة، فإذا كان الفرد العامل يرى أن إنخفاض الدخل مبرر كاف للهجرة بغرض رفع مداخيله، فإن العاطل عن العمل يرى أن مبرره أكثر من كافي، لذا تعتبر البطالة أحد الأسباب الرئيسية للهجرة إلى الخارج طلبا للعمل، وتزداد حدة البطالة في دول العالم الثالث ومنها دول جنوب المتوسط، ففي إفريقيا مثلا، البطالة هي من أعلى معدلات البطالة في العالم، مع أﻬا غير موزعة بالتساوي بين البلدان بحسب نوع الجنس والفئات العمرية، فقد سجل معدل البطالة في أفريقيا جنوب الصحراء زيادة طفيفة في الفترة بين عامي 1996 و 2006 ، ليرتفع من% 9.2 إلى 9.8%، وذلك رغم تحقيق الناتج المحلي الإجمالي نمو ا سنويا قدره 3.9% وقد تراجع معدل البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 13 % إلى 12.2 %، من جهة أخرى انخفض معدل البطالة في الاقتصادات المتقدمة ومنها دول شمال المتوسط، من 7.8 % في عام 1996 إلى 6.2 % عام 2006 ، ويعزى ذلك إلى شدة النمو الاقتصادي وتباطؤ النمو في قوة العمل وزيادة إنتاجية العمل1
والملاحظ أن البطالة تمس الأفراد من جميع المستويات العلمية والمهنية وحتى الحاصلين على شهادات عليا، وإن عدم قدرة سوق العمل الوطنية على تأمين هذه الطلبات على العمل يجعل أن الأفراد يتجهون إلى طلبها في الخارج ولو في ظروف عمل صعبة. بالإضافة إلى فشل في حل المشاكل الاجتماعية المتمثلة في الفقر و المجاعة و البطالة و الإمراض..
و كذلك صورة النجاح الاجتماعي الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى في إبراز مظاهر الغنى: سيارة، هدايا، استثمار في العقار.. إلخ، وكلها مظاهر تغذيها وسائل الإعلام المرئية.
الأسباب السياسية :
       تميزت نهاية القرن العشرين بحركات هامة من اللاّجئين بصفة فردية أو جماعية من جراء الحروب والنزاعات التي عرفتها عديد من مناطق العالم، حيث أن عدم الاستقرار الناجم عن الحروب الأهلية والنزاعات وإنتهاكات حقوق الإنسان بسبب إنتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية، يعدّ أحد الأسباب الرئيسية لحركات الهجرة التي تجبر الأفراد على النزوح من المناطق غير الآمنة إلى أخرى أكثر أمنا وهو ما يطلق عليه بالهجرة الإضطرارية أو اللّجوء السياسي2.
وتعتبر منطقة المغرب العربي خاصة، وإفريقيا بصفة عامة من أهم المناطق المصدرة والمستقبلة للاّجئين بسبب الحروب وعدم الاستقرار الداخلي الذي تعرفه دول المنطقة.
وفي هذا الإطار يمكن القول بأن منطقة المغرب العربي تعتبر منطقة عبور رئيسية للاجئين والمهاجرين القادمين من إفريقيا خاصة من منطقة البحيرات الكبرى، فالمملكة المغربية تعدّ نقطة عبور رئيسية عبر إسباني، سنويا هناك حوالي 100 شاحنة تعبر مضيق جبل طارق، وقد سجل بين سنتي 1997 و2001 حوالي 3286 ضحية غرق في المضيق، والجزائر وتونس وليبيا تعد هي الأخرى مناطق عبور للمهاجرين القادمين من إفريقيا السوداء حيث بدأت هذه الدول تعرف إنتشارا ملفتا للمهاجرين الأفارقة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire